تُعيد المملكة العربية السعودية توجيه استثماراتها بعيداً عن مشروع نيوم العملاق البالغ قيمته 500 مليار دولار نحو الذكاء الاصطناعي والتصنيع عالي التقنية، في إطار سباقها لتنويع اقتصادها القائم على النفط قبل انخفاض محتمل في أسعار الخام.
هذا التحوّل الاستراتيجي يأتي بعدما تراجعت العقود الجديدة لمشروع نيوم، ولم يرد ذكره في بيان ما قبل الميزانية لعام 2026 بعد أن كان أحد البنود الرئيسية لثلاث سنوات متتالية. كما تباطأت الأعمال في مشروع «ذا لاين» – ناطحات السحاب العاكسة الممتدة بطول 170 كيلومتراً – وتم نقل العديد من العمال إلى مشاريع أخرى.
في المقابل، تستعد المملكة لضخ مليارات الدولارات في الذكاء الاصطناعي عبر شركة هيومن (HUMAIN)، وهي شركة وطنية أُطلقت في مايو 2025 بدعم من صندوق الاستثمارات العامة. وتهدف الشركة إلى إنشاء صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار لدعم الشركات الناشئة في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا.
أبرمت هيومن اتفاقيات بقيمة 23 مليار دولار مع شركات تكنولوجية كبرى مثل إنفيديا (Nvidia)، إيه إم دي (AMD)، أمازون ويب سيرفيسز (Amazon Web Services)، وكوالكوم (Qualcomm)، وتخطط لبناء قدرات مراكز بيانات تصل إلى 6.6 غيغاواط بحلول عام 2034.
يتزامن هذا التحوّل مع مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار الذي يُعقد في الرياض من 27 إلى 30 أكتوبر، حيث يتوقع أن تتصدر إعلانات الذكاء الاصطناعي جدول أعمال المؤتمر، بمشاركة قادة التمويل العالمي مثل جيمي ديمون من بنك JPMorgan، وديفيد سولومون من Goldman Sachs، ولاري فينك من BlackRock.
تواجه المملكة ضغوطًا اقتصادية مع انخفاض أسعار النفط بأكثر من 10% هذا العام في لندن، بينما يشكل قطاع النفط نحو نصف الناتج المحلي الإجمالي. وأشار وزير المالية محمد الجدعان إلى أن الحكومة «لن تتردد في تعديل أو إيقاف أي استراتيجية لم تعد مجدية».
ويُتوقع أن يصل الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي في السعودية إلى حوالي 135.2 مليار دولار بحلول عام 2030، ما يبرز التحوّل الجذري من مشاريع البنية الفخمة إلى قيادة الابتكار التكنولوجي.








