نمو النشاط التجاري في الاقتصاد غير النفطي في مصر للمرة الأولى منذ أواخر عام 2020

نمو النشاط التجاري في الاقتصاد غير النفطي في مصر للمرة الأولى منذ أواخر عام 2020

لأول مرة منذ أواخر عام 2020، عاد القطاع الخاص غير النفطي في مصر إلى النمو، مما يمثل تحولاً كبيراً في المسار الاقتصادي للبلاد. فوفقًا لأحدث بيانات مؤشر مديري المشتريات (PMI) الصادرة في سبتمبر 2024، توسع النشاط التجاري في الاقتصاد غير النفطي في مصر في شهر أغسطس، مما يسلط الضوء على تطور إيجابي في قطاع كان ينكمش منذ ما يقرب من ثلاث سنوات

مؤشر مديري المشتريات يرتفع فوق المستوى المحايد

ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز العالمي لمديري المشتريات في مصر، وهو مؤشر رئيسي لتقييم صحة القطاع الخاص غير النفطي، من 49.7 في يوليو إلى 50.4 في أغسطس. تشير القراءة فوق 50 إلى التوسع، بينما تشير القراءة تحت 50 إلى الانكماش. يمثل هذا الارتفاع المرة الأولى منذ نوفمبر 2020 التي يعبر فيها المؤشر إلى منطقة النمو، مدفوعًا بالزيادات في الإنتاج والتوظيف والأنشطة الشرائية

العوامل الدافعة للنمو

كان التوسع في النشاط التجاري مدفوعًا بالزيادات المتجددة في مستويات الإنتاج وانتعاش الطلب، على الرغم من انخفاض الطلبيات الجديدة بشكل طفيف للشهر الثاني على التوالي. عززت الشركات المخزونات وعينت موظفين إضافيين، مما يعكس تجدد الثقة في السوق. كما وصل التفاؤل بشأن ظروف العمل المستقبلية إلى أعلى مستوياته منذ منتصف عام 2022، حيث أظهرت الشركات استعدادًا لتوسيع عملياتها وقدراتها على الرغم من التحديات الاقتصادية المستمرة.

ضغوط التضخم والتكاليف

على الرغم من مؤشرات النمو الإيجابية، لا تزال الشركات تواجه تحديات كبيرة، لا سيما ارتفاع التضخم. فقد أدى انخفاض قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي إلى زيادة تكاليف مستلزمات الإنتاج، مما أجبر الشركات بدورها على رفع أسعار البيع لحماية هوامش الربح. وأشارت بيانات شهر أغسطس/آب إلى أسرع زيادة في التكاليف والرسوم منذ خمسة أشهر، الأمر الذي قد يحد من النمو المستقبلي من خلال إضعاف الإنفاق الاستهلاكي والطلب الكلي.

تأثير الإصلاحات الاقتصادية وبرنامج صندوق النقد الدولي

تأتي عودة مصر إلى النمو في القطاع غير النفطي وسط إصلاحات اقتصادية أوسع نطاقًا مرتبطة باتفاق بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكجزء من هذا الاتفاق، التزمت مصر بالسماح لقوى السوق بتحديد أسعار صرف عملتها ورفع أسعار الفائدة بشكل حاد لمكافحة التضخم. كما حددت الحكومة هدفًا طموحًا لزيادة حصة القطاع الخاص في النشاط الاقتصادي إلى 50% بحلول عام 2025، بهدف تقليل البصمة الاقتصادية للدولة وتعزيز مشاركة القطاع الخاص.

التوقعات والتحديات المقبلة

في حين أن بيانات مؤشر مديري المشتريات الأخيرة تشير إلى تحسن مرحب به، إلا أن التوقعات لا تزال متباينة. فالعديد من الشركات تواصل الإبلاغ عن ضعف طلب العملاء، كما أن ضغوط الأسعار المتزايدة تشكل خطرًا مستمرًا. وقد أدت الزيادة في التكاليف إلى زيادة تضخم التكاليف، الأمر الذي قد يحد من القوة الشرائية ويعيق تعافي السوق على نطاق أوسع. ومع ذلك، يشير التفاؤل المتجدد بين الشركات إلى أن الشركات متفائلة بشأن استقرار الأوضاع الاقتصادية واستمرار التحسن في القطاع.

ويمثل توسع الاقتصاد غير النفطي في مصر لحظة محورية بالنسبة للبلاد، مما يعكس تأثير الإصلاحات الجارية والانتعاش التدريجي في ثقة الشركات. ومع استمرار الحكومة في تنفيذ استراتيجياتها الاقتصادية، فإن الحفاظ على هذا الزخم سيكون أمرًا بالغ الأهمية لتعزيز بيئة أعمال مستقرة ومزدهرة في السنوات المقبلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *