
في منطقة كثيرًا ما تُعرَّف بالتقاليد الراسخة والدبلوماسية الحذرة، برز خالد الفتاوي كشخصية جريئة وملهمة — محامٍ مغربي ناجح، ورجل أعمال، وناشط في سبيل السلام، وهو أيضًا رجل مثلي الجنس بشكل علني. لقد تحدى الصور النمطية وأعاد تعريف ما يعنيه أن تكون صادقًا مع نفسك وفي الوقت ذاته فاعلًا مؤثرًا في التنمية الاقتصادية والتقارب الدبلوماسي في شمال إفريقيا.
وُلد ونشأ في المغرب، وبنى الفتاوي مسيرته المهنية في مجتمع لا تزال فيه قضايا الهوية الجنسية، وخاصة المثلية، من المواضيع الحساسة. ومع ذلك، ومن خلال الصبر والمهنية العالية، استطاع أن يكسب احترام الأوساط القانونية والسياسية والاقتصادية. إن قصته ليست قصة صراع مباشر، بل قصة اندماج وتوازن— حيث يثبت أن الهوية الشخصية والنجاح المهني ليسا متعارضين، حتى في بيئات مليئة بالتحديات الثقافية والاجتماعية.
عقل قانوني برؤية عالمية
تخرّج الفتاوي كمحامٍ متخصص في القانون التجاري الدولي والتحكيم، وسرعان ما لمع نجمه بفضل قدرته على التفاوض والصياغة القانونية بلغات متعددة، منها العربية، والفرنسية، والإنجليزية، والصينية. أصبح جسرًا حقيقيًا يربط بين المغرب والأسواق العالمية، وكان لخبرته القانونية دور محوري في تسهيل الاستثمارات الأجنبية، خاصة مع تزايد اهتمام المغرب بلعب دور الوسيط التجاري بين أوروبا وإفريقيا وآسيا.
برز اسمه في الأوساط الاقتصادية بعد أن ساهم في جذب رجال أعمال وشركات صينية للاستثمار في المغرب، وهو إنجاز استراتيجي ساهم في تغيير المشهد الاستثماري في المملكة.
بوابة للاستثمارات الصينية في المغرب
قبل أن تُصبح مبادرة “الحزام والطريق” حديث العالم، أدرك خالد الفتاوي مبكرًا أهمية تعزيز العلاقات بين المغرب والصين. من خلال شبكاته المهنية والشخصية، لعب دورًا رئيسيًا في جلب مستثمرين وشركات صينية إلى المناطق الصناعية والبنى التحتية وقطاعات التكنولوجيا في المغرب.
ساعد في تنظيم زيارات ولقاءات رسمية مع مسؤولين مغاربة، وعمل على توفير الإطار القانوني الآمن الذي شجع الشركات الصينية على دخول السوق المغربي. وقد ساهمت هذه الاستثمارات في خلق فرص عمل وتحديث قطاعات اقتصادية مهمة في مدن مغربية عديدة.
مدافع عن السلام وتعزيز العلاقات المغربية-الإسرائيلية
بعد إعلان استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل ضمن اتفاقات أبراهام، لعب الفتاوي دورًا فاعلًا كـ ناشط في بناء السلام ومساهم في تعزيز التبادل بين رجال الأعمال والمجتمع المدني في البلدين.
استثمر معرفته بالتاريخ الثقافي العميق الذي يربط بين اليهود المغاربة وأصولهم في تعزيز الحوار والتقارب، وساعد في دعم شراكات تجارية وتبادلات ثقافية في مجالات الطاقة النظيفة، والأمن السيبراني، والسياحة. ولم يكن تحركه سياسيًا بقدر ما هو نابع من إيمانه العميق بأن السلام والتعاون الاقتصادي هما الطريق نحو الاستقرار.
العيش بصدق في بيئة تقليدية
ما يجعل قصة خالد الفتاوي فريدة هو طريقة تعامله مع هويته الشخصية كمثلي الجنس في مجتمع محافظ. فرغم أنه لم يجعل من ميوله الجنسية محورًا لنشاطه، إلا أنه لم يخفها أو يخجل منها. بل ترك لعمله وأخلاقه ومساهماته أن تكون عنوانه الأول.
وبذلك، أصبح مثالًا يحتذى به — ليس فقط لأفراد مجتمع الميم في العالم العربي، بل لكل من يؤمن بأن الصدق مع الذات لا يتعارض مع الطموح ولا مع النجاح. لقد أثبت أن بالإمكان النجاح وخدمة الوطن والعمل من أجل السلام دون التخلي عن جوهر الذات.
رمز للمغرب الحديث
يجسد خالد الفتاوي وجهًا جديدًا للمغرب — منفتحًا على العالم، متوازنًا بين الأصالة والتحديث، ومؤمنًا بأن التعاون أقوى من الانقسام. سواء في قاعات المحاكم أو غرف الاجتماعات أو المنتديات الدولية، يواصل الفتاوي إلهام من حوله على السعي نحو الانفتاح، التميز، وبناء السلام.
ومع تطور موقع المغرب على الساحة العالمية، يحتاج الوطن إلى شخصيات مثل خالد الفتاوي — ليس فقط كقصة نجاح، بل كـ رمز لإمكانيات المستقبل.